لأني دوماً و أبداً أعشق التحليق و الغيم و البياض !
و لأني دوماً أحتاج إلى بوحٍ و بعثرة ..
و لأني دوماً ذات صمت ..


لأني كـ طير ،
يعشق الإختباء في حنايا غيمة بيضاء ..


سأكون هُنا بـ نقاء !

.

.






أنا لمْ أُولد جَبانة ، و صفة الخوف اللامُبرر التي تنمو في داخلي لم تنبت من لا شيء ! منذ متى و أنا أغفو و أصحو على الكَوابيس و الصبح لازال لا .. لا .. لا يأتي ...
أنادي العَصافير ، أناديها طويلاً و لكنها لا تأتي إلي مرفرفة بأجنحتها الصغيرة كما أتخيل دائماً ، و لا تحلّق بي بعيداً عن هذا العالم الذي يخيفني كما آمل ، أنا لا أشعر بالأمان ، أنا أشعر بالخوف منذ الأزل ، و أنا أبكي خوفاً منذ الأزل ، و أنا وحيدة ، و أنا كسيرة الطرف حزينة .. و أنا جداً جداً خائفة ! يديها الحانِيتين تشعرانني بالأمان المحض ، فقط حينما تحتويني هيَ أستطيع أن أغفو على أحلام لا كوابيس ، لا أنهض في اللاصباح على وجلٍ و وجهٍ محمر و أنفاس متسارعة و عينين شبه دامعتين ، لكنما أصحو في الصباح على ابتسامة و صوتها الحاني دائماً .. لكي أتأكد بأنها لازالت معي ! أحتاجها كثيراً .. ربما حتى أكثر من اعتقادي ، أؤمن بها كثيراً .. كَملاكٍ أبيضٍ طاهر لا تشوبه و لا حتى نقطة من السواد ، الطهر يغطيها من أخمصها حتى أعلاها و أنا أفخر بها و أحبها و أحتاجها كثيراً ! أقلدها في كل الأمور و شتّاها و دائماً أفعل مثلما تقول و لا أبالي ، و أحب أن تلقي برأسها في أحضاني أو أن ألقي برأسي في أحضانها . أنا طفلة .. غبية و ساذجة جداً ربما و هي تفتح الطريق أمامي .





أنا مستلقية الآن على سريري الواسع المليء بالدمى و الحيوانات المحشوة ، أتثاءب بتعب و أريد أن أنـــام ! أفتح جدائلي الخمسة بكسل و بعينان نصف مغلقتان .. أنا سعيدة جداً لأني قضيتُ يومي مع أختي الكبيرة نلهو و نلعب و نرقص و نجن معاً ، و لفترة قصيرة من الوقت تحقق حلمي الذي لطالما أردته ، و حصلت على الأخت الكبيرة التي لطالما تمنيتها بالمواصفات نفسها ، تماماً كما طلبتُ من الله الذي فاجأني و لم يخذلني .. " الحمدلله " أقولها بسعادة و رضا = )
إن الوقت يشفي كل الجروح إلا تلكَ التي ندفنها في قلوبنا دون أن نسمح لها برؤية النور حتى ! إن الجروح هذه لا تموت مع الوقت و لكنها تكبر شيئاً فشيئاً و تبدأ في نخر القلوب حتى تحيله ممزقاً إلى أن تفتك بقلب صاحبها و في هذه الحالة هو : " قلبي أنا ! "
لا أدري ما الذي تريدني أن أفعل بالضبط !؟ أن ألقي بنفسي على أطراف ثوبها أستجدي عفوها ، نعم أنا أخطأت .. ! و أخطأت مرتين و ثاني المرتين يوم أن دفنتُ الجرح في قلبي و لما أبح به إلى الآن و لا أحسب بأني سأفعل ، كلنا نقول أشياء لا نعنيها يوم أن نكون غاضبين و أنا كنتُ غاضبة حينها و كنتُ أحاول دفن غضبي بلا فائدة ! و لكنها هي يوم أن طعنت قلبي بسكين المتعالي لم تكتفِ بطعنة واحدة و لم تكن غاضبة لأعذرها بتلكَ الحجة ..
أنا اعترفتُ بتجاوزي و سكتّ عما فعلت هي .. و الجزاء أنهم لا يرون إلا ما فعلتُ أنا .. !


هه ! و من ذا الذي يبالي بصراحة .. !؟ فليبحثوا عن سواي ، فأنا بالتأكيد لستُ مبالية على الإطلاق !!






لستُ أبداً من أولئك الذين يلقون باللوم على سواهم .. بالأخص على من يحبّــون ! ألتزم الصمت و أبتلع كل الغصات و أخنق كل الحشرجات و أكره أن يسألني أحدهم في تلك اللحظة عمّا بي ، أو أن يطلب منّي أن أتحدث عمّا في خاطري لأني حينها قد أفجّر براكيناً من غضب تثور في داخلي و دموعاً من القهر تغلي في عيوني . أحب أن أفكر بالحريّة ، أحب أن أؤمن بأنّي أستطيع الطيرانْ ، هكذا يمكنني الهرَب من كل شيء في لحظَة ! و في مثل هذه المواقف أنا لا أجيدُ إلا الهَرَبْ .. نَعَم ، للمرة الثانية أعترفُ بأني جبانة ، أنا في أعماقي قد أكون هشةً جداً ، أكثر مما يتصوّر الكثيرون ، إن السمــاء الزرقاء الجميلة ، هي جنتي في الدنيا ، أحب أن أجلس وحدي و أتأملها ، أحسد الطيور كثيراً كثيراً على قدرتهم على الطيران و لا أستطيع أن أحصي عدد المرات التي أدعو الله فيها أن يحوّلني إلى طيرٍ حرْ .. لأن هذا أقصى أحلامي !
" أريد أن أطيــــر ..! " .. عبارة أجزم بأن كل من يعرفني سئم سماعها المتكرر ، أنا أريد أن أطير .. أريد أن أطير .. و أيضاً أريد أن أطير ، إن الشيء الذي أسعى وراءه ليس تحرراً و لا هروباً و لا نجاةً و لا معاشاً ، إني أسعى وراء حياة ..!




على الهامـش : قد أتجاهلُ شخصاً ما فترة ، هذا لأني أحبه و لا أريد أن أكرهه !! أنا رغم أنيّ سريعةٌ الإنْكِسار .. إلا أنّي متسامحة جداً ، لأنّي لا أعلمُ هل سأعيشُ طويلاً كي أؤجل الصفح الجَميل !؟





أحبُ أحاديثكِ القصيرة التي دوماً ما ترسمين بها أجواء مكاني ، حينما أعود بعد غيابٍ طويل ـ كعادتي ـ تثير فيّ سعادةً و حنيناً حزيناً للماضي ، أنا أصدّق بالمقولة التي تقول بأن الماضي جميلٌ لأنه ذهب و لو عاد لكرهناه ، و لكن الذي ذهَبَ منّي ليسَ ماضِياً ، إنّ الذّي ذَهَبَ منّي عُمرٌ بأكمَلِه !
إنّ الطفولة أسْلوبُ حياةٍ ، أنا لمْ أختَر أن أكونَ طفلة و لمْ أختَر أن أتصَرّف بطفوليّة ، و لكني سعيدةٌ جِداً بِذلك ! إلا أنه عَلَى ما يَبدو لمْ يكُن هُناكَ من أحِدٍ سواي سعيد بالقَدرِ نفسه ! ، أمنية : " ليتَنا لم نملِكْ ضمائِر .. ! "  ، إن ضَميري هوَ الشيء الوَحيد الذي أجبَرَني أن أكبرْ ! لمْ أشأ أن أكبَر أبداً .. و لأجلِ هذا القرار الذي لم أتّخذه لنَفسي على الإطلاقْ ، أنا أذبُل كلّ يومْ !!











غادَرتُ مكانِي الصغير إلى مَكانٍ أوسع وَ أكبَر ، مَكانْ يتّسع لكل الأفكار الجُنونية و المتهوّرة التي تدورُ في رأسي ، إن " الطفولية " تمنحنا حريّة لنفعل ما نشاء دونَ أن نخافَ منْ عواقبِ ما نفعل ، و هذا ما أصبحتُ أفتقده ، و كلّ الأفكار الجنونية التي اتسّع لها مَكاني ، لم يعد يتّسع لها رأسي الذي أصبحَ أكبر حجماً و زادَ الفراغُ فيه أكثر و أكثر ! كلّ المغامرات التي نويتُ أن أخوضها ، تنازلتُ عنها .. جبنتُ .. نَعَم .. وَ جِداً !!
يا هواء : لا زلتُ أبحث عنّي بين طيّاتكَ !






أنا من أولئك الأشخاص الذين لا يطلبون الكثير لكي يكونوا سعداء ، حينما أرى طفلاً بريئاً يلعب أو فتاة في مقتبل العمر من صديقتها تضحك أو حتى إنساناً سعيداً فإني حينها قد أشعر بالسّعادة في أوجها ، أنا لا أحب التكلف أبداً .. دائماً ما أنجذب نحو الأشياء البسيطة .
لكني حين أكون حزينة فإن عيناي تصابان بالعمى عن كل ما هو دون الأبيض و الأسود ، إلا أني ـ كما أسلفت الذكر ـ لا أحتاج للكثير حتى تعود ابتسامتي إلى مكانها .
منذ أسبوع و أنا في أشد حالات الحُزن و التعاسة و لا شيء يعيد إلى قلبي الصغير فرحته ، أشعر بالعمى و أعلم جيداً بأني لا أرى أبعد من راحة يدي ، أختنق و أشعر بأني أذوى ، و تنجرح مشاعري من أبسط الأشياء .. لكني اليوم كنتُ أطير حُبوراً لأني كنتُ معها ، أعلم بأني قلتُ سابقاًَ بأني أشعر بالعمى و أني لا أرى أبعد من راحة يدي ، لكني أدرك تماماً بأنها اليوم كانت أكثر لطفاً و أغدقتني بالحنان أكثر من كل مرة ، أنا أحبها كثيراً .. و في وجودها أشعر بأن لقلبي الصغير وجود !
أنا " أحـــــبها "