لأني دوماً و أبداً أعشق التحليق و الغيم و البياض !
و لأني دوماً أحتاج إلى بوحٍ و بعثرة ..
و لأني دوماً ذات صمت ..


لأني كـ طير ،
يعشق الإختباء في حنايا غيمة بيضاء ..


سأكون هُنا بـ نقاء !

.

.




أجلِسُ في صالتنا الوَردية وَحدي .. أُمسكُ بِخيوط الصوف الوَردية و العَصاتانِ المعدنيتانِ الطويلتان بين يديّ و ألتزمُ الصّمت وَ أجلِسُ بِهُدوءٍ تامٍ و أدّعي بأن الحياكة تشغَلني بينَما في الحقيقةِ أنا مَنْ يَشغَلُها ، في الواقِعْ إنّ جلّ ما أفعلهُ هو التفكير بكِ وَ انتظارُ عودتكِ بصبرٍ فارغٍ بَينَما تنتَظرني أعوامٌ .. أعني أيامٌ طويلة منه .
تَتَرقرقُ في عيني الدّموع وَ لا أبكي ، أنتظر الليالي لأفرغَ كل الدمّوع التي تَجولُ في عيناي . في غيابِ سَندي وَ روحي أتحلى بالقوة وَ أرسُمُ تَقاسيمها على وَجهي بينما الضّعف ينهشُ دواخِلي بِعنف ، تُحطيني عَوالمَ مِنَ الوحدة وَ يُلازمني الصّمت كأقرب رفيقٍ ، أضيّع ابتساماتي وَ ضحكاتي .. أفقد الرغبة في كل شيء إلا النّوم ، أفقد الشعّور بكل شيء إلا الشوق ؛ أتعلّم أعظم دروس الصبّر المرّ و الإنتظار السقّيم ، لا شيء في وجهي يبشّر بخير ، لا شيء يوحي بالحَياة إلا لمعان الدمّوع في عيوني ، تنال منّي الوحدة حقاً في غيابكِ ، يتملّكُني الأسَى حتى أقصَى الحدود وَ يَرسُمُ لي الحُزنَ نَظراتي ؛ أؤمن بأن الوحدة تجعلنا أقوى .. تَصنَعُ حولنا قشْرَةً صَلبة يَصعُب اختراقُها ، تَقتُل المَشاعِر فينا لتَجعلنا أكثر بُرودةً و أشدّ تقبلاً و تحملاً للأسوأ ، أؤمن بذلك ! و أعرفه كذلكَ جيّداً .. لأني سَبَق و أن سَلكتُ ذلك الدّرب القاسي وَ فقدكِ الآن يُنعش ذاكرتي ، و لكن الوحدة بالمُقابِل : تقتُلنا بِبُطء مؤلم وَ سُرعةٍ خانِقة !
لا شيء في بعدكِ يُغريني على الإطلاقْ .. كل شيء يبدو مملاً قاتماً خانقاً في غيابكِ وَ الحياةُ من دونكِ .. جداً لا تطاق !




المَكانُ خالٍ جداً منكَ ، أشعر بالكآآآآآآبة جداً و الفراغ جداً و الحزن جداً ، بدونكَ .. كل شيء يبدو مملاً / خانِقاً / ميّتاً بالنسبة إلي !
أراكَ في كل الأماكن ، على الكرسي .. تحت الطاولة .. خلف السرير ، و لا أنفك أتخيلكَ مستلقياً على السرير كلما فتحت الباب ترفع رأسكَ الصغير تترقبنّي بهدوء حتى أذهب إليكَ و أمسح على رأسكَ ثم أستلقي بجواركَ و أحكي لكَ عن يومي الذي قضيته بعيداً عنكَ ، و كيف أني لم أفكر بسواكَ و أني كنتُ أذووووب شوقاً إليكَ ..
أردتُ أن أنام في الليلة التي تركتكَ فيها ، لكن الأحلام التي كانت كلها تدور حولكَ لم تسمح لأجفاني بأن تبقى مغمضة لدقيقةٍ  واحدة كاملة ، و بين كل حينٍ و حينْ أتخيلكَ مستلقياً على السرير ملتصقاً بي ، كما تفعلُ في كل ليلة حين تتركُ سريركَ و تقفز إلى سريري لتَنامَ معي !

هَمسَةٌ : شعوري بالذنب يكبُر وَ يكبُر وَ يكبُر .. و عيناي لا تتوقفان عن الإحمرار و أخذل الدموع وَ لا أبكي ، و أكرهني جداً لأني لمْ أكن قوية بما فيه الكفاية لأتحدى كل شيء وَ أبقيكَ معي .

أشتآآآآآآآآآآآآق إليكَ .. و الحَنين يقتُلني ، ساعاتي في بعدكَ تمرُ سنوناً و لا أطيقها أبداً ، و كل دقيقة تحمل في طياتها رائحتكَ التي لا أستطيع أن أنساها .. وَ تتنامى فيّ الخيالاتُ حتى أكاد أصدّق أني أراكَ حقيقةً ، فيَكسرني الواقِعُ بكلِ عنفْ وَ لا يبالي بي أبداً ! أجلس القرفصاء لساعاتٍ وَ أمدّ يديّ على جانبيّ ، أنتظركَ وَ كلّي أملٌ بأن تأتي لتقفز إلى حُضني و تقبّل يديّ مثلما تفعلُ دائماً .. وَ لكنك لا تأتي وَ لا تفعلْ .
كنتُ أعلم بأني كنتُ محتاجةٌ إلى وقتٍ طويل كي أصدّق حقيقة وجودكَ في حياتي ، لكني ما علمتُ أبداً بأني سأحتاجُ العُمر محاولة تصديق حقيقة عدمكَ منها ! 
إني أكره كل شيء حولي ، و لم أعد أستسيغُ الأشياء و لا جمالها ، بدونكَ يا حلمي الضائع أفتقد روحي جداً و تعجز الكلمات أن تصف حزني الدفين ، تغطّيني الكآبة من أخمصي حتى أعلاي ، و ينتابني شعور عظيم باللامبالاة ، سواكَ أشعر بالكسل و الخمول و تكمن فيّ الرغبة بالإستلقاء طوال اليوم و عدم فعل أي شيء سوى التفكير بكَ ، صباحاتي لا تنيرها طلتكَ ، و لياليّ لا يختمها دفء قربكَ ، غرفتي بآآآآردةٌ جداً في غيابكَ ، و زواياها خالية جداً إلا من أطيافكَ التي تكاد تودي بي إلى الجنوون !


تَسألني و تكرر سؤالها كثيراً : ما بكِ !؟
و تَغضبُ لأني لا أجيب إلا بابتسامة ، أقدّر اهتمامها وَ لكنْ بماذا تريدني أن أجيبها !؟ بأني و بعد سنواتٍ عجافٍ طوالٍ وجدتُ حلمي ، و قبل أن أصدّق ذلك .. تركته يضيع منّي مجدداً ! ما هو ـ بظنّها ـ حال من أضحى و أمسى بلا حلمٍ يقتات منه ليحيا !؟


* أنا أرغبُ بالنوم جداً .. إلى الأبد .