لأني دوماً و أبداً أعشق التحليق و الغيم و البياض !
و لأني دوماً أحتاج إلى بوحٍ و بعثرة ..
و لأني دوماً ذات صمت ..


لأني كـ طير ،
يعشق الإختباء في حنايا غيمة بيضاء ..


سأكون هُنا بـ نقاء !

.

.












قالت : " .. إلى اللقاء حبيبتي "


وَ سارت تتبعها نظراتي ..
وَ دموعي التّي لمْ تَنْهَمِرْ ..
متى تعودين يا أمي ؟
فَفي بُعدكِ يُحزنني المَطر ..
و يخنقني الليل وقت السّحر ..
لا أحد يَرويني بعينيه حناناً كلّ صَباح ..
فأغرق في البكاء
و يأتيني المساء
و لا أحد قبل النوم يلثم جبيني
و لا أيدي تغطيني 
و لا شيء في الليل يروي حنيني
ثم لا أنام ..
و يمضي الوَقتُ دونكِ أمي ..
دقيقةٌ كَألفِ عامْ
متى تعودين يا أمي ؟
فإن البعد يضنيني
و يترك في عينيَ حُزناً
وَ يترُكُ فيها بقايا انكسار
أنادي طويلاً ..
أنادي كثيراً ..
و لا يسمعني إلا الجدار !













" شلونج أنفال .. ؟ شخبارج ؟ شتسوين عندنا ... الخ "


أنفال !
يصعبُ عليّ جداً تقبّل الأمر ..
ثمانِ سَنواتْ .. و أيّ ثمانْ ! عمرٌ ذاك الذي عشتهُ برفقتكِ
لتُلقيها عليّ هكذا بابتسامة و لا مبالاة .. " أنفال " !


لا أدري أي نوعٍ من المَشاعر الذي توّلد في داخلي تلكَ اللحظة
و تَنامى بهدوء لم يسمح لي بالتعبير عن شيء
لم يظهر على وجهي إلا الجمود ، أو هكذا شعرتْ


مرّت الأيام التي قضيتها برفقتكِ أمام عيني
كفيلمٍ سينمائي ، أردته أن ينتهي بأسرع ما يمكنْ  !


أردتُ أن أذهب بسرعة ..
تمنيتُ لو أختفي أو تختفينَ أنتِ
دعوتُ الله في سرّي أن يكون هذا حلماً
و دَعوته أن أفيق منه بأسرع ما يمكن
و لكنه لمْ يكن كذلك !


طلبتِ منّي ألا أضحكْ وَ ما كنتُ سأفعل
حتى و لو كان مُضحكاً إلى أقصى الحدود !
و لكني اغتصبتُ ابتسامة .. تلتها ضحكة باردة جداً
لأثبتَ لا أدري لمن .. بأني طبيعية !!


ثمانْ !!
نَعم ثمان سنين ..
و كانت نصفَ عُمري تماماً في ذلك الحين ..
و لكن العُمر يمضي .. نصفه و حتى كله !









أعترف بأن الدموع كانت تعاندني للنزول ،
و لكني ما كنتُ سأسمح لها ..
ما كنتُ سأسمح لنفسي بالبكاء على الإطلاق !

لا أدري ما الذي حدث ،
أذكر فقط بأني فجأة وجدتُ نفسي أدفن وجهي في وسادتي و أبكي بحرارة و صمتٍ تام ..
و هي على الجانب الآخر تقول : " لا تبكي " بنبرة هادئة !

لا أذكر بأني أجبتُ على الهاتف .. 
لا أذكر بأني سمعته يرن أصلاً !


و لكني حتماً لما أن وعيتُ كنتُ أبكي !


لم أكن أبكي أمي بقدر ما كنتُ أفرّغ القهر الذي كان يكبر فيّ شيئاً فشيئاً ..
إن الصمّت يسلبني روحي .. و أنا لازلتُ صامتة !




:




وَ عادَتْ أمي ..
و لكني كالعادة لم أخبرها بشيء ،
لنْ ألومها على أمورٍ لا تعلمها !

رغم أنّي لما رأيتها كدتُ أبكي .. لكني لم أفعل .




تستمر الأيام في المضي وَ أستمر في الخوف وَ الضيّاع !
لا أدري لماذا لا أستجيب لنداءات الأيام ..
هل لأني لا أسمعها حقاً ؟


:


مهما حاولتُ أن أفسّر الشيء الذي لا أفهمه ..
فإني لا أزال لا أفهمه !!
أشعر بالضيق جداً لأني لا أفهم ، و لكني لا أدري كيف أفهم ..


أبحثُ عنّي في كل الأماكن ..
تحت الطاولة ، في الزوايا ، في العلية ، و حتى في الشوارع !
و لكني لازلتُ لم أجِدني
لا أذكر أين رميتني بالضبط ؟
و لا متى بالضبط ، و هكذا فإني جداً أعجز عن إيجادي ..


إني أحياناً أتساءل : " هل أنا حقاً مُجبرة على إيجادي ؟ "
فأنا لمْ أكن سعيدة قبلاً .. وَ لستُ سعيدة الآن كذلك .. !







اليوم يا صديقتي أتممتِ عامكِ الثامن عشر!
قد لا أكون شاركتكِ الأعوام الثمانية عشرة كلها ، و لكنني جداً فخورة بالعام الأخير الذي قاسمتكِ إياه ..


لا أرغب في الحديث عن الماضي كثيراً ..
و لكن فليكن يومكِ المميز هذا بدايةٌ لإنطلاقةٍ جديدة ..
جددي أهدافكِ و اسعي لتحقيقها ..


فإني لا أكاد أطيق صبراً لليوم الذي أراكِ فيه المحامية اللامعة ..
مثلما أرسمكِ في خيالاتي =)


و اجعلي هذا اليوم بداية جديدة ..
لحياة جديدة ..
مليئة بالأمل و التفاؤل ..


و " كل عام و أنتِ توأم روحي " !







أخبرتني بأنه مريضٌ جداً ..
و لكني لمّا سمعتُ صوته المليء بالألم و الوهن ، اغرورقت عيناي بالدموع جِداً !


نََظَرت إلي وَ قالتْ : " أشعُر بأنه سَيموتُ قريباً "
وَ تَركت قلبي مليئاً بالوَجدِ وَ الوَجَلْ !


:


لم يكف يوماً عن إغراقي بِـ الهَدايا
كان يُجلسني في أحضانه و يسألني عما إذا كنتُ أعلم ما الذي يخفيه في يده التي يواريها وراء ظهره ..
كنتُ في كل مرة أرسمُ ابتسامة واسِعة وَ أسأل " شنو ؟؟ "
وَ أنا أتووق لمعرفة الهدية التي تنتظرني وراء ظهره ،
و لمْ يكف عن إدهاشي ولا مرة !


لم يتوقف يوماً عن حبّي ..
كان كلما رآني يتلقفني بالأحضان ..
و يرويني بالحَنان ..


كان يجلسني على مقربة منه ..
و يروي لي تلكَ القصص التي كنتُ أحب جداً سَماعَها ..
لازلتُ أذكر قصة الطائر التي كنتُ أحبها جداً ..
و كان دائماً يغرق في النوم قبلي ..


لم يكف يوماً عن إضحاكي ..
لم يكن يرضى أبداً أن يرى لمحة الحزن ترتسم على وجهي ..
كان يحاول بشتى الطرق أن يضحكني ..
و كان في كل مرة ، يُفلح ! 


إن الذكريات لا تُسعفني حالياً ،
يا رب .. أرجوكَ لا تدعه يموتْ !













أذكر بأني كنتُ في الماضي أكبر منّي .. بِكثير !
وَ بشهادة الجَميعْ ..
ثمّ مرّت الأيام ، و أصبحتُ أصغرَ منّي .. جِداً !


وَ أنا لا أدري ، متى .. أو هل كنتُ يوماً بِعُمري


:


لأني كرهتُ ألا أكون أنا و أن أعود أنا ،
فإني اخترتُ أن أصنعني و أبنيني من جديد !


أخبرتُها مجدداً بأني أريد أن أختفي ،
ثم اكتشفتُ بأني ـ جداً ـ لا أستطيع الحَياة بدونها !!


اسمعي أيتها الحَياة ،
سَأشق لي درباً جديداً .. ابتعدي عنْ طريقي !


:



اليومُ أسررتُ لها بأني .. " أريدُ أن أختفي ! "

و أظن بأنها لمْ تفهم ما أعنيه تماماً ..


هل تعلم بأني ..
أختنق !!
أختنق !!
أختنق !!
أختنق !!



أحسنتُ صُنعاً بابتلاع كل الـ " غصّــاتْ "

وَ لكني أشعر بأني سأنهار قريباً
لنْ أستطيع أن أبرر لنفسي دناءة معاملتي لهم للأبد ..
لأني أبداً لا أنوي أن أخسرهم ،
وَ يبدو بأني سأفعل في كل الحالاتْ


هل أستطيع أن أعترف بأني .. خائـفة
مِنْ الهَواء الذي أشعر بأنه بات يخنقني أكثر فأكثر ..


= (


أريدُ أن أبكي .. وَ لكن عيني في جَـفافْ !
أريدُ أن أصرخ .. وَ لكن صوتي يؤلمني كثيراً !


:


أبحثُ عن كل المخارج لأهرب ،
لا أدري هل لأفقدني أكثر أم أني صادقة في رغبة إيجادي !؟
نعمْ .. أنا ضعتُ منذ وقتٍ بعيد
و إلى الآن أجول و لا أجدني
" أين أنا !؟ "
أصرررررخ .. وَ لا يجيبني الصدى !


أنا نفسي لا أدري إلى أي حدٍ أنا خائفة ..
وَ لكني كلما وجدتُ فرجةً للتنفس .. أجبر نفسي على الإختناق لوقتٍ أطول قَليلاً
أصبّرني و أذكّرني بأن الهَواء دون وجودها لن يُجدي 
وَ هكذا فإني في كلا الحالتين سوف أموتْ !