لأني دوماً و أبداً أعشق التحليق و الغيم و البياض !
و لأني دوماً أحتاج إلى بوحٍ و بعثرة ..
و لأني دوماً ذات صمت ..


لأني كـ طير ،
يعشق الإختباء في حنايا غيمة بيضاء ..


سأكون هُنا بـ نقاء !

.

.









حينما أفتح عيني في الصبّاح ، فإنّ أول ما ينبض به قلبي "الشوق إلى صوتِها" ، أحب
ابتسامتها حباً جماً ، حُباً يختلف عن حبّي لكل الإبتسامات الأخرى ، لابتسامتها بهجةٌ
مميزة .. بهجةٌ لا تزورني من أي ابتسامة أخرى قد تتوه عيني إليها ، و لصوتها نغمة
حنانٍ دافئة .. تحتويني لأنام كطفلٍ لا يعي من حوله أي شيء إلا نغمة صوتِها المميزة .
يدها تثير فيّ حنيناً للبكاء ، أطل بنظراتي إلى كتفها .. أقرّب رأسي و أدعي بأني لا أنتبه
و أسنده على كتفها لثوانٍ ثم أبعده بسُرعة و كأني ما قصدتُ الأمر و هي لا تعلم و ربما
أنا أيضاً لا أعلم بأني أحوج إلى البكاء من الإدعاء .
في أيامِنا الأخيرة .. و منذ وقتٍ طويل لم أعد أراها سعيدة ! البهجة التي كانت تسكن
ابتسامتها لم تعد تزورني بكرمٍ كالسابق ، و نغمة الحنان الدافئة و حنين لمسة يديها ..
كل هذا لم يعد يغدق علي العطاء بالمَشاعِر ..
أحاول أن أبحث معها عن طريق الحبور الذي تاهت عنه و لا تجده و لا أجده ، و لكنها
لا تبكي .. فأبكي أنا كثيراً بدلاً عنها دون أن أدعها تعلم !
أبحث عن بقايا فتاتِ خبزٍ يقودني إلى الطريق الذي تاهت و تهتُ أنا معها عنه ، و لكن
كما في قصة هانسل و غريتل لم تشفق الطيور على قلبينا التائهين ، و لا على نظراتنا
الحزينة ، و التهمت كل قطع الخبز و لم تترك لنا شيئاً لكي نعود .
أبحث في الأماكن كلها عن بهجةٍ مرمية نسيها أحد الأطفال ربّما أو تركها أحد الراحلين
، أبحثُ بجهدٍ و صدق و لا أجدُ أي بهجةٍ أستطيع أن أعيدها إلى ابتسامتها .
أشعرُ بالعجز جداً و أكره جداً فكرة كوني أراها تنطفئ و أنا أكتفي بالمشاهدة .










للمرة الأولى في حياتي أتمنى لو يموتْ !
لا .. لم أدعُ عليهِ بالموت و لن أفعل أبداً .. كانت مجرد أمنية أسررتها في نفسي
إن الآلام تتلاعب بي و لا ترحمْ ..
و أنا أصبحتُ مجرد جدارٍ آخر من جدران بيتنا الكثيرة !


أنا جِدار !
مثلما ترغب هي ..
و أنا لم أقرر البقاء بعيدة ، و لكن تم إقصائي و أنا لا أهتمْ !
أنا حقاً لا أهتم ..
لأني على أية حال لن أبقى هنا طويلاً .!





أنا أفنان وَ أنا "حلمُ ضائع" مرميٌ على قارعة الطريق .. 
لم يعد هذا الحلم الضائع يعرف من هو ، لذا فهو لا يدري
أي الطرق يسلك .. و بما أن كل الطرق تؤدي إلى روما ،
فقد أخذ يسلك الطرق كلها بلا هوادة آملاً أن يجد ما
يبحث عنه .. و هو لكثرة ما تاه و ضاع لم يعد يذكر عمّ
كان يبحث !


أنا أفنان ، و أنا أحب القطط كثيراً ، راودني كثيراً حلم 
اقتناء قطة صغيرة أسميها مثلما أريد و ألعب معها 
بقدر ما أشتهي ، و أغدقها حباً و حناناً بقدر ما أحب ،
و هو حلمُ لم يمت بعد على الرغم من الرفض القاطع
الذي واجهته به أمي !


أنا أفنان ، و أنا أشارك الجَميع كل فرحٍ يغمرني .. لكني
لا أشارك أحداً حزني إلا نادراً أو قليلاً ، و هكذا في الليالي
السوداء الطويلة المظلمة الموحشة .. لا أشعر بالوحدة ،
فأنا دائماً معي قلم ، حتى لو كان قلمي لا يكتب !

أنا أفنان ، و أنا لا أحب أن يراني الناس و أنا أبكي ،
لكني حينما أكون أنا و روحي فقط فإني حينها حقاً لا
أبالي ..
و لكني على أية حال قد قررت اعتزال البكاء بلا ندم ،
أعترف أن بعض الدموع تبلل خدي في كل قرنٍ مرة ،
إلا أنها لا تخرج من عيني طوعاً أبداً .. أنا إن قررتُ
يوماً العودة إلى عهدي بالبكاء فإني سأبدأ في الصراخ
كطفلة ، فالأطفال كلهم يبكون بشدة و لكنهم ـ لهذا
السبب ـ لا يطيلون البكاء و لا تمضي لحظات إلا و قد
نسوا أحزانهم كما لو أن الدهر دفنها و لن تعود !


أنا أفنان و أنا فتاة ، و أنا إلى أبعد الحدود حساسة وَ
حالمة ، أنا لا أحب الرضوخ للواقع و أنا أحب أن أبتسم
و أحب أن يبتسم الناس كذلك ، أنا أحب أن أكون متفائلة
و أكره جداً أن أكون بلا أمل ، فإني سأشعر حينها كما
لو كنتُ شجرة بلا جذع أو وردة بلا أوراق !


أنا أفنان ، و أنا في ما مضى كنتُ أعشق الكتب عشقاً
لا ينتهي و لا يتوقف ! لم يكن ليمضي يومي دون أن
أنهي كتاباً و أبدأ في قراءة آخر ، و لكني مؤخراً لم أعد
أستسيغ الكتب و لم يعد يرضي ذوقي أي كتاب !

أنا أفنان ، و أنا أحب أن أعبر عن مشاعري حينما أحب
أحداً ، أخبر أمي بأني أحبها طوال اليوم و أهديها الهدايا
طوال الوقت و أدعوها للخروج بين الحين و الحين ، لكي
أذكّرها بأني أحبها و أذكّرني بأنها تحتل النقطة الأعمق
في قلبي الصغّير ..


أنا أفنان ، و اللون الأزرق هو لوني المفضل ، أياً كان
ما يشعرني به هذا اللون من مشاعر .. و أياً كان ما
يقوله هذا اللون عني .. 
أنا أحبه كثيراً كثيراً .. !


أنا أفنان ، و أنا أعشق الورود و أحبها بشكلٍ لا أعرف
كيف أصفه ، أكثر ما أحب وردة الياسمين البيضاء الصغيرة
رائحتها تأخذني إلى عوالم أخرى من الأحلام ..





.. أنا في الأحوال و الأشكال ، أفنان .. هكذا فقط !














لا تُراودني الأفكارُ حقاً .. و ليس في رأسي ما يُمكنُ أن يُترجم إلى أحرف ..
و لا أدري حقاً ، لماذا أمسِكُ بالقلم !
ربما لأنني " أحتضر " .. !


حينما يصبح الموت أمنية .. فإنه لا يعود مخيفاً إلى تِلكَ الدّرجة ..
حتى و لو أتى في الليالي المظلمة .. اليتيمة من نور القمر


اكتشفتُ بأن الأمر مُهلكٌ أكثر حينما نقرر التخلي عن قلوبنا لنصبح بِلا مَشاعِر ..
الجُروح .. أهونُ بِكثير من التّبلدِ الذي يُصيبنا جرّاء تخلّينا عن الإحساس ..


أنا حالياً وحدي تماماً ، و أرغبُ جِدّاً في البُكاء ..
لأني سأموتُ غرقاً في دموعي لو لم أسمح بخروجِها
إلا أنني حينما التفت حولي .. لمْ أجِد كتْفاً للبُكاءْ !




على الهامِش :
" لكل أسرابِ الحُمام .. مساءٌ زاهٍ بالوَجَعْ "









سأسافِرُ غداً صَباحاً ـ بإذن الله ـ وَ قلبي يحلّق سروراً ..
و عيني بلا صبرٍ تنتظر كي تقرّ برؤيتهم ..
و لكن روحي تتشبثُُّ بالوَطن بشدة .. !


كيفَ أرحلْ وأنا أعلم بأن روحي ليست روحي ،
مهما أكدّت لي بغير ذلك .. أنا أعلم بأن الأمور لا تجري في نصابها الصحيح !


الأمر الذي لا قد لا تكون تدركه هي ،
هو أنها أهمّ بالنسبة إلي من كلِ أمرٍ آخر !
حتى و لو كان الأمر الآخر .. وطناً آخر يسلب منّي لبي
و حتى لو كان الأمر الآخر .. أرواحاً شغلت فكري ..
و حتى لو كان الأمر الآخر .. سَعادتي !
لأن سعادتي تكمن أينما كانت سعادَتها هي ..


أعلم أني بالنهاية سأرحل رغم كل شيءْ
ففي هذه المرحلة لمْ يعد الأمر بيدي ..
و لكني أقسم .. و أقسم مجدداً ، بأن الأمر لو كان بيدّي لفرطّت به دون تردد
فقط كي لا أتركها و أنا أعلم بأن الإبتسامة قد ضاعتْ منها !
حتى و لو كان هذا يعني أن أغرق في الصمت و الإهانة ..
لأنها .. أهمْ .!

صاحَبني الحُزنُ و رافقتني السّلامة ..
فأي سعادة تلكَ التي سآخذها معي بين الثيّاب إن كنتُ سأمضي
تاركةً ورائي روحي ..


فمن ذا الذي قد يحيا بلا روحٍ !؟







غرفتي ملأى بكمٍ من الأدوية يكفي لأفتح صيدلية !
هذا صحيح ..
أنواعٌ و أشكال مختلفة من الأدوية تنتشر في أنحاء غرفتي ..
على الطاولة البيضاء .. في أرفف المكتبة .. في أدراجي
و في حقائبي كلها ..


لا أدري ما الذي حدث فجأة و أدى إلى تدهور حالتي الصحية حتى وصلت إلى
هذه الحالة المزرية ..!
الأمراض تتوالي علي .. و لا أدري ما السبب ؟

لستُ من محبي الشكوى .. 
و إني أبتلع الألم ابتلاعاً مرّا .. و لا أتلفظ بالآه حتى أصل إلى آخر حدٍ لي في الصبر و التحمّل
إن الآلام التي تغزو جسدي قاتلة .. تخلو من الرحمة 
و أنا لا أدري إلى متى بعد سأصمد !


أيكون ابتلاء .. ؟! قد يكون كذلك
و لا أحب أن أعترض على ما كتبه الله ..


( و عسى أن تكرهوا شيئاً و هو خيرٌ لكم )
ما أدراني أنا !؟











رغم أنّي لطالما أردتُ إحدى آلات الكتابة القديمة تلكَ ..
إلا أني أبداً لم أطلب واحدة ..


صديقتي تملكُ واحدة ..
و حينما سمحت لي باستخدامها للمرة الأولى و الوحيدة ،
كانت سعادتي لا توصف ..
كتبتُ بها جملتين أو ربما ثلاث .. لا أذكر !
و أهديت الورقة الشبه فارغة إلا من جملتين أو ثلاث و بضع أحرف متناثرة إلى صديقتي ..
و كدتُ أحتضن الآلة المغطاة بالغبار= )

لا أدري ما الذي يشدني في آلة كتابة كهذه بالضبط ..
لكني أحبها .. وَ كثيراً !


مذ أن استخدمتُها تلكَ المرة و أنا أحدث نفسي 
بأني سأطلب من أبي أن يشتري لي واحدة ..
و لكني لم أفعل !

لا أدري لمَ لمْ أخبره بأني أريد واحدة ..
و لا أدري متى سأفعل .







ظهري يئنّ كَثيراً وَ يئنّ بألم !
أحاول إسكاته / كسره ..
و لا أنجح في أي من الأمرين ..




أتساءل أحياناً ..
هل الأمر يتمحور حول أنينٍ و ألمْ !
و لكن الصدى لا يرد علي بإجابة ..


" أريد أن أنآآآآآآآآم إلى الأبد "
هكذا يصرخُ رأسي بمرارة ..
و عيناي تستجيبان ..
و يدي تستعد للإنقضاض ..
و لكن قلبي لا يلبث يتردد ثم ينهار !




متى سيتوقف سيل الجرائم ..
فإني لن أستطيع الإستمرار في إخفاء آثارها طويلاً بعد !









استغرقَت ْفي حديثٍ ينضحُ ألماً
و أخذت تفرغ قهراً سكنني أنا دهراً من الزّمان ,
لم أحاول أن أقاطعها ..
و هي التي كانت تسهب في الحديث دون أن
تنتظر مني رداً أو تعليقاً ..
جلستُ في الظلمة و أخذت أستمع إليها
و هي تشكو بلسان حالي ..
جلتُ في عوالمٍ أخرى من الماضي بينما
كانت تتكلم ..
دار في رأسي شريطُ ذكرياتٍ لم أشأ أن أراه !
ليست المشكلة أني لا أحب الإستماع إليها ..
بل المشكلة تتمحور في أن لا شيء أحب إلى قلبي
من الإستماع إليها .. أياً كان ما تقول .
هي لم تدفعني إلى البكاء على الإطلاق ،
فقد قضيتُ الليلة السابقة أفرغ كل ما في صدري
من دموع ..
بعد أن شاهدتُ فيلماً أثار فيّ مشاعراً دفينة ..

كل ما فعلته هي ، أنها نبشت ما قضيتُ العمر كله أدفنه !!