لأني دوماً و أبداً أعشق التحليق و الغيم و البياض !
و لأني دوماً أحتاج إلى بوحٍ و بعثرة ..
و لأني دوماً ذات صمت ..


لأني كـ طير ،
يعشق الإختباء في حنايا غيمة بيضاء ..


سأكون هُنا بـ نقاء !

.

.

أوقفتُ سَيّارتي عَلى جانِبِ الطَّريقْ ، أطفأتُ أضواءَها ، و غَمَرني الحُزنُ بِعمقٍ أكبَر و فكّرتُ في التّخلصِ مِنَ الوَرقة الحَمراءْ ..
رَفعتُ رأسي فإذا بابتسامةٍ تُضاهي البَدرَ جَمالاً تلوحُ أمامَ عَينايْ ، أخفَضتُ رأسي أتَأملُها في يَدي .. مَددتُ يدي مُمسِكَةً بِها إليهِ ، أخَذها .. وَ لامَسَتْ يَدي بالخطأ يَدُه وَ ضايَقَني هٰذا ، قال : "شُكراً .. أطالَ الله في عُمركِ" ؛ أنا لا أريدُ أنْ يَطولَ عُمري وَ لكني أشْعُرُ بِنَوعٍ مِنَ الرَّاحة لأنّي تَخلّصتُ مِنَ الوَرقة الحَمراءْ .. أرجو ألا أكونَ قَدْ أخْطأتُ في اختيارِهِ هوَ بالذاتْ ؛ أنا في الحَقيقَةِ لَمْ أخْتَرهُ .. أنا اخترتُ ابْتِسامَتَه !




لمْ أكُن أحاوِلُ أنْ أتَذكَّر ؛ أنَا عاجِزةٌ عَن النِّسيانْ !
وَ تَخنُقني الذكرَيات و تَكادُ تَقتُلُني اللهفة إلىٰ النِّسيانْ ، أدَعو الله ألفَ مرّة أن أفقِدَ الذَّاكرَة أو أن يَنمحي ماضيَّ ، لَعلي حينئذٍ أشعُرُ مُجددّاً بمَعنى أنْ أكونَ مِنَ البَشَرْ.
أشعُر بأنَّ هناكَ شيءٌ ما يُغطيني ، شيء يشابِهُ مَلمسُه الدَّنَسْ ، وَ أريدُ أنْ يُرخيَ الليل السُّدول وَ أريدُ أنْ أنامَ ألفَ عامٍ كي يَزولْ .
أفكرُ كُلَّ ليلةٍ بالسَّبب ، أفَتِّشُ في كلِّ الإحتمالاتِ عن الذّنبِ الذي قدْ أكونُ ارتكبتُه ، و لكنّي .. لا أجِدْ !
يخنُقني الصّمت ، و أشعرُ أحياناً بخوفٍ لا مبررَ لَهُ ، وَ أشعُر بالعارِ وَ لستُ أنا السَّببْ ، وَ أنزَوي في غُرفَتي في الليالي الحالِكة ، أبحثُ في كل الزّوايا عمّا فَقدتُ و أدعو مِن أعماقي يِحرارة أنْ أجِدَ خِلالَ بَحثِي ـ عمّا لنْ أجِد ـ بعضَ "الأمانْ" !