لأني دوماً و أبداً أعشق التحليق و الغيم و البياض !
و لأني دوماً أحتاج إلى بوحٍ و بعثرة ..
و لأني دوماً ذات صمت ..


لأني كـ طير ،
يعشق الإختباء في حنايا غيمة بيضاء ..


سأكون هُنا بـ نقاء !

.

.






أفرطتُ في الخوفْ ! وَ آهٍ مِنَ الخوف الذّي يَسيرُ بِنا إلى طُرُقَ لا عَودَةَ مِنها ، إلى حُفَر لا خُروج مِنها ، إلى مَهالكِ لا نَجاةَ مِنها ، الخَوفُ الذي يَقضِي علَى كلِّ الأفْكارِ في رُؤوسِنا فِكرَةً فِكرةً ، الخَوفُ الذي يشُلُّ الكلماتَ على أطْرافِ ألسِنَتِنا كَلِمَةً كَلِمَة، إنه الخَوفُ مِنَ الخسَارة .. الخَوفُ مِنَ الفُقدان ، فُقدانِ مَن نُحِبْ !


جَرت الدّموعُ سُيولاً على خدِّي وَ جَعَلتْ مِنْ عَيناي بُقعَتانِ حَمراوَتانِ وَ خَرَجَ صَوتي مُتَحشرِجاً بأنِّي خاطِئةٌ نادِمةٌ آسفةٌ ، و لكنَّ الكَلمَة إذا مَا فَرَّت مِن بينِ شَفَتينا مَلكَتْنا ، فَمَلكَتني كَلماتي التي وَددتُ لو أنِّي ما تَعلَّمتُ الكَلام حَتى لا أنْبِسَ بِها ، لَيتَ بِوِسعي أنْ أُعيدَ الزَّمانَ دَقائِقَ للوَراء ، لنْ أفعَل الكثَير .. فقط سَأمسحُ الجزءَ الذي كَسَرتُ فيهِ قلباً حَتى كَسَرتُ قَلْبِي.




أعيروني زَاويةً شِبهَ مُظلِمة شِبه دَافِئة شِبه خَاويَة .. أبْكي بِها ! لا يَهم أنْ يَكونَ رَأسِي مَدْفوناً بَينَ رُكْبَتاي وَ أنَا مَحشُورَة في تِلكَ الزَّاوِيَة ، المهم أنْ أبْكي بِها كَطِفلة كَبيرة لمْ تعد تَهتم بِما يَدور حَوْلَها ، كَطِفلة تَحنُّ إلى رُوحِها التَّائهة فِي مَكانٍ مَا ، كَطفلة لَم تعُد تَفهم الحَياة التي تَحياها ! أريدُ أن أصْرخ بأني سئمتُ الإنكسار ، وَ بأنًّ ما كل الكُسور قَابِلة للجَبْر فَبعضُها لا يُرى و بعضُها الآخر لا يُشفى.

لا أعلمُ ما الذَّي قد حلَّ بي ؟ فكلُ الأصوات الحَنونةِ وَ كل العُيون اللامِعَة وَ كل الأحضانِ الدافِئةُ تُبكيني ! كل يدٍ تشدُ على يدي مُطمئِنَةً تُزَعزِعُني ! هَلْ أنا أتخيّل ؟ أمْ أنَّ الأشياء كُلها فعلاً تتحدُّ ضدِّي ؟ لمْ أعُد أعلمُ لمَ أنا أبْكي ؟ لَمْ يَعُد لدَي المَزيدُ مِنَ الأسبابِ كي أخْتلِقَها أعذاراً لِدُموعي .. كل مَا في الأمرِ أنّي تعديتُ حُدودي وَ أني أنهارُ دموعاً دموعاً ، مللتُ الإبتسامات الزائِفة وَ أنّي غبية .. جداً غبية ! و أني سامحتُ حتى أسأتُ لروحي وَ حطَّمتُ قلبي وَ أفنيتُ أيَّامي الجميلة أفكّر "ماذا جَنَيتُ ؟" .. تباً لماذا سكتُ وَ كأني رضيتُ ؟